المؤمن إنسان ذو قلب رحيم، لأن مثله الأعلى أن يتخلق بأخلاق الله تعالى، وأن يكون له حظ من أسمائه الحسنى .
فهو يردد هذين الاسمين(الرحمن - الرحيم) في صلاته المكتوبة ما لا يقل عن أربع وثلاثين مرة في اليوم في صلواته ..
في تكرار هذه الاسماء
يومياً يولد في داخلنا شعور بالرحمة
شعور بالرحمة تجاه الأنسان والحيوان والنبات والجماد وكل شيء
لأننا
نشعر وقتئذ أن الله تعالى خلق كل شيء برحمته وينبغي أن نتخلق بهذا الخلق وهو
الرحمة مع كل شيء
فهو القائل : (ورحمتي وسعت كل شيء )
المؤمن تلميذ عند الحبيب محمد الذي وضع أمام أعيننا شعار يقول :
( من لا يَرحم لا يُرحم )
المؤمن يعتقد أنه دائماً فقير إلى رحمة الله تعالى، فبهذه الرحمة الإلهية يعيش في الدنيا ويفوز في الآخرة. ولكنه يوقن أن رحمة الله لا تنال إلا برحمة الناس
"إنما
يرحم الله من عباده الرحماء"
"من
لا يَرحم لا يُرحم"
"ارحموا
من في الأرض يرحمكم من في السماء"
ورحمة المؤمن لا تقتصر على إخوانه المؤمنين -وإن كان دافع الإيمان المشترك يجعلهم أولى الناس بها- وإنما هو ينبوع يفيض بالرحمة على الناس جميعاً.
وقد
قال رسول الإسلام لأصحابه:
"لن تؤمنوا حتى ترحموا. قالوا: يا رسول الله،
كلنا رحيم. قال: إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة العامة". (رواه
الطبراني).
ومن
صفات المؤمنين في القرآن (وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) (البلد: 17).
بل
هي رحمة تتجاوز الإنسان الناطق إلى الحيوان الأعجم،
فالمؤمن
يرحمه ويتقي الله فيه، ويعلم أنه مسئول أمام ربه عن هذه العجماوات.
وقد
أعلن النبي لأصحابه أن الجنة فتحت أبوابها لبغي سقت كلباً فغفر الله لها،
وأن
النار فتحت أبوابها لامرأة حبست هرة حتى ماتت، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل
من خشاش الأرض.
فإذا
كان هذا عقاب من حبس هرة بغير ذنب، فماذا يكون عقاب الذين يحبسون عشرات الألوف من
بنى الإنسان بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله؟!
وقال رجل: يا رسول الله، إني
لأرحم الشاة أن أذبحها. فقال: "إن رحمتها رحمك الله" (رواه الحاكم)
ورأى
عمر رجلاً يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال له: "ويلك .. قدها إلى الموت قوداً
جميلاً".
*هذه الرحمة الدافقة الشاملة أثر من آثار الإيمان بالله والآخرة، ذلك الإيمان الذي يرقق بنفحاته القلوب الغليظة، ويلين الأفئدة القاسية.
*هذه الرحمة الدافقة الشاملة أثر من آثار الإيمان بالله والآخرة، ذلك الإيمان الذي يرقق بنفحاته القلوب الغليظة، ويلين الأفئدة القاسية.
أرأيت إلى عمر -وقد كان
معروفاً بالشدة والقسوة في جاهليته- كيف صنع الإيمان به، ففجَّر ينابيع الرحمة
والرقة في قلبه.
لقد قالوا: إنه وأد بنتاً له في الجاهلية، فلما ولي إمارة
المؤمنين كان يرى نفسه مسئولاً أمام الله عن بغلة تعثر بأقصى البلدان.
ولقد غلبت هذه العقيدة وهذا الخلق على أعمال المسلمين الأولين، ووضحت آثارها في سلوكهم حتى مع الأعداء المحاربين،
فنجد
رسول الإسلام يغضب حين مر في إحدى غزواته، فوجد امرأة مقتولة فقال:
ما كانت هذه
لتقاتل، وينهى عن قتل النساء والشيوخ والصبيان، ومن لا مشاركة له في القتال.
ويسير أصحابه على نفس النهج أبراراً رحماء لا فجاراً قساة:
فهذا أبو بكر يودع
جيش أسامة بن زيد ويوصيهم قائلاً:
"لا
تقتلوا امرأةً ولا شيخاً ولا طفلاً، ولا تعقروا نخلاً، ولا تقطعوا شجرة مثمرة،
وستجدون رجالاً فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما أفرغوا أنفسهم له".
ويقول عمر: "اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب".
وهكذا كانت الحرب الإسلامية حرباً رحيمة رفيقة، لا يُراق فيها الدم إلا ما تدعو الضرورة القاهرة إليه،
وقد
لاحظ ذلك الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون فقال:
ما عرف التاريخ فاتحاً أعدل
ولا أرحم من العرب !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق