تعاني
الأمة الإسلامية اليوم من ظاهرة باتت أخطر من ألف مدفع وهي :
ظاهرة
ضعف الإيمان
وهناك
من الناس من يشتكي من قسوة قلبه ،: فنسمع عبارات من الناس تقول :
أحس بقسوة في قلبي
أقع في المعصية
بسهولة
لهذه
الظاهرة سمات تعرف بها أو مظاهر نوجز منها الآتي :
1- الوقوع في المعاصي
وارتكاب المحرمات :
من
العصاة من يرتكب معصية يصر عليها ومنهم من يرتكب أنواعاً من المعاصي ، وكثرة
الوقوع في المعصية يؤدي إلى تحولها عادة مألوفة ثم يزول قبحها من القلب تدريجياً
حتى يقع العاصي في المجاهرة بها ويدخل في حديث :
( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل
بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا ، وكذا ،
وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ) رواه
البخاري
2- الشعور بقسوة
القلب وخشونته :
حتى
ليحس الإنسان أن قلبه قد انقلب حجراً صلداً لا يترشح منه شيء ولا يتأثر بشيء ،
والله جل وعلا يقول :
( ثم قست قلوبكم من
بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) البقرة /74
وصاحب
القلب القاسي لا تؤثر فيه موعظة الموت ولا رؤية الأموات ولا الجنائز ، وربما حمل
الجنازة بنفسه وواراها بالتراب ، ولكن سيره بين القبور كسيره بين الأحجار .
3- عدم إتقان
العبادات :
ومن
ذلك شرود الذهن أثناء الصلاة وتلاوة القرآن والأدعية ونحوها ، وعدم التدبر والتفكر
في معاني الأذكار ، فيقرؤها بطريقة رتيبة مملة هذا إذا حافظ عليها ، ولو اعتاد أن
يدعو بدعاء معين في وقت معين أتت به السنة فإنه لا يفكر في معاني هذا الدعاء , وقد
قال رسول e :
( … لا يقبل دعاء من
قلب غافل لاه ) رواه الترمذي /صحيح
4- التكاسل عن
الطاعات والعبادات ، وإضاعتها ، وإذا أداها فإنما هي حركات جوفاء لا روح فيها :
وقد
وصف الله عز وجل المنافقين بقوله:
( وإذا قاموا إلى
الصلاة قاموا كسالى ) النساء /142 .
ويدخل
في ذلك عدم الاكتراث لفوات مواسم الخير وأوقات العبادة وهذا يدل على عدم اهتمام
الشخص بتحصيل الأجر ،
فقد
يؤخر الحج وهو قادر , ويتفارط الغزو وهو قاعد ، ويتأخر عن صلاة الجماعة ثم عن صلاة
الجمعة وقد قال رسول e :
( لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يخلفهم الله في النار ) رواه
أبو داود رقم : 679 وهو في صحيح الترغيب رقم 510 .
ومثل
هذا :
لا
يشعر بتأنيب الضمير إذا نام عن الصلاة المكتوبة ، وكذا لو فاتته سنة راتبة أو وِرْد
من أوراده فإنه لا يرغب في قضائه ولا تعويض ما فاته ،
وكذا
يتعمد تفويت كل ما هو سنة أو من فروض الكفاية ، فربما لا يشهد صلاة العيد ( مع قول
بعض أهل العم بوجوب شهودها ) ولا يصلي الكسوف والخسوف ، ولا يهتم بحضور الجنازة
ولا الصلاة عليها ، فهو راغب عن الأجر ، مستغن عنه على النقيض ممن وصفهم الله
بقوله :
( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا
خاشعين ) الأنبياء /90 .
ومن
مظاهر التكاسل في الطاعات :
التكاسل عن فعل السنن الرواتب ، وقيام الليل ،
والتبكير إلى المساجد وسائر النوافل ..
فمثلاً
صلاة الضحى لا تخطر له ببال فضلاً عن ركعتي التوبة وصلاة الاستخارة .
5- ضيق الصدر وتغير
المزاج وانحباس الطبع حتى كأن على الإنسان ثقلاً كبيراً ينوء به ، فيصبح سريع
التضجر والتأفف من أدنى شيء ، ويشعر بالضيق من تصرفات الناس حوله وتذهب سماحة نفسه
:
وقد
وصف النبي e ،
الإيمان بقوله : ( الإيمان : الصبر والسماحة ) السلسلة
الصحيحة رقم 554 ، 2/86 .
ووصف
المؤمن بأنه : ( يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا
يؤلف ) السلسلة الصحيحة رقم 427 .
6- عدم التأثر بآيات
القرآن ، لا بوعده ولا بوعيده ولا بأمره ولا نهيه ولا في وصفه للقيامة :
فضعيف
الإيمان يمل من سماع القرآن ، ولا تطيق نفسه مواصلة قراءته فكلما فتح المصحف كاد
أن يغلقه .
7- الغفلة عن الله عز
وجل في ذكره ودعائه سبحانه وتعالى :
فيثقل
الذكر على الذاكر ، وإذا رفع يده للدعاء سرعان ما يقبضهما ويمضي وقد وصف الله
المنافقين بقوله : ( ولا يذكرون الله إلا قليلاً ) النساء
/142 .
8- عدم الغضب إذا
انتهكت محارم الله عز وجل :
لأن
لهب الغيرة في القلب قد انطفأ فتعطلت الجوارح عن الإنكار فلا يأمر صاحبه بمعروف
ولا ينهى عن منكر ولا يتمعر وجهه قط في الله عز وجل ، والرسول e
يصف هذا القلب المصاب بالضعف بقوله في الحديث الصحيح :
( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب
أشربها (
أي : دخلت فيه دخولاً تاماً ) نكت فيه نكتة
سوداء ( أي : نقط
فيه نقطة ) )
حتى
يصل الأمر إلى أن يصبح كما أخبر e في آخر الحديث :
( أسود مرباداً (
بياض يسير يخالطه السواد) كالكوز مجخياً
(مائلاً منكوساً
) لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب
من هواه ) رواه مسلم
فهذا
زال من قلبه حب المعروف وكراهية المنكر واستوت عنده الأمور فما الذي يدفعه إلى
الأمر والنهي .
بل
إنه ربما سمع بالمنكر يعمل في الأرض فيرضى به فيكون عليه من الوزر مثل وزر شاهده
فأقره كما ذكر عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :
(
إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة أنكرها - كمن غاب عنها ،
ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها ) رواه
أبو داود رقم 4345 ، وهو في صحيح الجامع 689 .
فهذا
الرضا منه (وهو
عمل قلبي) أورثه منزلة الشاهد في الإثم .
9- حب الظهور ... وهذا
له صور منها :
- الرغبة في الرئاسة
والإمارة وعدم تقدير المسؤولية والخطر :
وهذا
الذي حذر منه رسول الله e بقوله :
( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة
وبئس الفاطمة ) رواه البخاري رقم 6729 .
قوله
: نعم المرضعة أي أولها لأن معها المال والجاه واللذات ،
وقوله
: بئس الفاطمة أي : آخرها لأن معه القتل والعزل والمطالبة بالتبعات يوم القيامة .
وقال
رسول الله e :
( إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي ، أولها ملامة ، وثانيها
ندامة ، وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل ) رواه
الطبراني في الكبير 18/72 وهو في صحيح الجامع 1420 .
ولو
كان الأمر قياماً بالواجب وحملاً للمسؤولية في موضع لا يوجد من هو أفضل منه مع بذل
الجهد والنصح والعدل كما فعل يوسف عليه السلام إذاً لقلنا أنعم وأكرم ، ولكن الأمر
في كثير من الأحيان رغبة جامحة في الزعامة وتقدم على الأفضل وغمط أهل الحقوق
حقوقهم واستئثار بمركز الأمر والنهي .
- محبة تصدر المجالس
والاستئثار بالكلام وفرض الاستماع على الآخرين وأن يكون الأمر له :
وصدور
المجالس هي المحاريب التي حذرنا منها رسول الله e بقوله :
( اتقوا هذه المذابح - يعني المحاريب - ) رواه البيهقي 2/439 وهو في صحيح الجامع
120 .
- محبة أن يقوم له
الناس إذا دخل عليهم لإشباع حب التعاظم في نفسه المريضة :
وقد قال رسول الله e :
( من سره أن يمثل (أي ينتصف ويقوم) له عباد الله قياماً فليتبوأ بيتاً من النار ) رواه
البخاري في الأدب المفرد 977 انظر السلة الصحيحة 357 .
ولذلك
لما خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير { وفي
رواية : وكان أرزنهما } فقال معاوية لابن عامر :
اجلس
فإني سمعت رسول الله e
يقول : ( من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ
مقعده من النار ) رواه أبو داود رقم 5229
والبخاري في الأدب المفرد 977 وهو في السلسلة الصحيحة 357 .
ومثل
هذا النوع من الناس يعتريه الغضب لو طبقت السنة فبدئ باليمين ، وإذا دخل مجلساً
فلا يرضى إلا بأن يقوم أحدهم ليجلس هو رغم نهيه e
عن ذلك بقوله :
( لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ) رواه
البخاري فتح 11/62 .
10- الشّح والبخل :
ولقد
مدح الله الأنصار في كتابه فقال : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة )
وبيّن
أن المفلحين هم الذين وقوا شح أنفسهم ولا شك أن ضعف الإيمان يولد الشح بل قال e : ( لا يجتمع الشح والإيمان في قلب
عبد أبداً ) رواه النسائي : المجتبي 6/13 وهو في صحيح
الجامع 2678 .
أما خطورة الشح
وآثاره على النفس :
فقد
بينها النبي e بقوله : ( إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح ، أمرهم بالبخل
فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا ) رواه
أبو داود 2/324 وهو في صحيح الجامع رقم 2678 .
وأما
البخل فإن صاحب الإيمان الضعيف لا يكاد يخرج شيئاً لله ولو دعى داعي الصدقة وظهرت
فاقة إخوانه المسلمين وحلت بهم المصائب ، ولا أبلغ من كلام الله في هذا الشأن قال
عز وجل :
( ها أنتم هؤلاء
تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما عن نفسه والله الغني
وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) سورة
محمد /38 .
11- أن يقول الإنسان
ما لا يفعل :
قال
الله تعالى :
( يا أيها الذين
آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) الصف
/2،3 .
ولا
شك أن هذا نوع النفاق ، ومن خالف قوله عمله صار مذموماً عند الله مكروهاً عند
الخلق ، وأهل النار سيكتشفون حقيقة الذي يأمر بالمعروف في الدنيا ولا يأتيه ،
وينهاهم عن المنكر ويأتيه .
12- السرور والغبطة
بما يصيب إخوانه المسلمين من فشل أو خسارة أو مصيبة أو زوال نعمة :
فيشعر بالسرور لأن النعمة قد زالت ، ولأن الشيء
الذي كان يتميز عليه غيره به قد زال عنه .
13- النظر إلى الأمور
من جهة وقوع الإثم فيها أو عدم وقوعه فقط وغض البصر عن فعل المكروه :
فبعض
الناس عندما يريد أن يعمل عملاً من الأعمال لا يسأل عن أعمال البر وإنما يسأل : هل
هذا العمل يصل إلى الإثم أم لا؟ هل هو حرام أم أنه مكروه فقط ؟ وهذه النفسية تؤدي
إلى الوقوع في شرك الشبهات والمكروهات ، مما يؤدي إلى الوقوع في المحرمات يوماً ما
، فصاحبها ليس لديه مانع من ارتكاب عمل مكروه أو مشتبه فيه ما دام أنه ليس محرماً
، وهذا عين ما أخبر عنه النبي e ، بقوله :
( من وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك
أن يرتع فيه .. ) الحديث في الصحيحين واللفظ لمسلم رقم
1599
بل
إن بعض الناس إذا استفتى في شيء وأخبر أنه محرم ، يسأل هل حرمته شديدة أو لا ؟!
وكم الإثم المترتب عليه ؟ فمثل هذا لا يكون لديه اهتمام بالابتعاد عن المنكر
والسيئات بل عنده استعداد لارتكاب أول مراتب الحرام ، واستهانة بمحقرات الذنوب مما
ينتج عنه الإجتراء على محارم الله ، وزوال الحواجز بينه وبين المعصية ...
ولذلك
يقول الرسول e
في الحديث الصحيح :
( لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال
تهامة بيضاً ، فيجعلها الله عز وجل هباء منثوراً ) قال
ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلهم لنا ، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال :
( أما أنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم
أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها ) رواه ابن ماجة رقم
4245 قال في الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقات وهو في صحيح الجامع 5028 .
فتجده
يقع في المحرم دون تحفظ ولا تردد ،
وهذا
أسوأ من الذي يقع في الحرام بعد تردد وتحرج وكلا الشخصين على خطر ، ولكن الأول
أسوأ من الثاني ،
وهذا
النوع من الناس يستسهل الذنوب نتيجة لضعف إيمانه ولا يرى أنه عمل شيئاً منكراً
ولذلك يصف ابن مسعود t
حال المؤمن وحال المنافق بقوله : ( إن المؤمن يرى
ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على
أنفه فقال به هكذا ) أي دفعه بيده . رواه
البخاري فتح 11/102 ، وانظر تغليق التعليق 5/136 المكتب الإسلامي .
14- احتقار المعروف ،
وعدم الاهتمام بالحسنات الصغيرة :
وقد
علمنا e أن لا نكون كذلك ...
فقد
روى الإمام أحمد رحمه الله عن أبي جري الهجيمي قال :
أتيت
رسول الله e ،
فقلت يا رسول الله ؟ إنا قوم من أهل البادية فعلمنا شيئاً ينفعنا الله تبارك
وتعالى به فقال : ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن
تفرغ من دلوك في إناء المستقي ، ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسطاً ) مسند
أحمد 5/63 وهو في السلسلة الصحيحة 1352 .
فلو
جاء يريد أن يستسقي من بئر وقد رفعت دلوك فأفرغته له ، فهذا العمل وإن كان ظاهره
صغيراً لا ينبغي احتقاره ،
وكذا
لقيا الأخ بوجه طلق ، وإزالة القذر والأوساخ من المسجد ، وحتى ولو كان قشة فلعل
هذا العمل يكون سبباً في مغفرة الذنوب ، والرب يشكر لعبده مثل هذه الأفعال فيغفر
له ، ألم تر أنه eقال
: ( مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال : والله
لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأًدخل الجنة ) رواه
مسلم رقم 1914 .
إن
النفس التي تحقر أعمال الخير اليسيرة فيه سوء وخلل ويكفي في عقوبة الاستهانة
بالحسنات الصغيرة الحرمان من مزية عظيمة دل عليها قوله e : ( من أماط أذى عن طريق المسلمين
كتب له حسنة ومن تقبلت له حسنة دخل الجنة ) رواه
البخاري في الأدب المفرد رقم 593 وهو في السلسلة الصحيحة 5/387 .
وكان
معاذ t يمشي ورجل معه فرفع حجراً من الطريق فقال { أي
الرجل } ما هذا ؟ فقال سمعت رسول الله e يقول : ( من رفع حجراً من الطريق كتب
له حسنة ومن كانت له حسنة دخل الجنة ) المعجم
الكبير للطبراني 20/101 ، السلسلة الصحيحة 5/387 .
15- عدم الاهتمام
بقضايا المسلمين ولا التفاعل معها بدعاء ولا صدقة ولا إعانة :
فهو
بارد الإحساس تجاه ما يصيب إخوانه في بقاع العالم من تسلط العدو والقهر والاضطهاد والكوارث
، فيكتفي بسلامة نفسه ، وهذا نتيجة ضعف الإيمان ، فإن المؤمن بخلاف ذلك ، قال
النبي e :
( إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، يألم المؤمن
لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس ) مسند
أحمد 5/340 وهو في السلسلة الصحيحة 1137 .
16- انفصام عرى
الأخوة بين المتآخين :
يقول
النبي e :
( ما تواد اثنان في الله عز وجل أو في الإسلام فيفرق بينهما أول
ذنب (وفي رواية : ففرق بينهما إلا بذنب) يحدثه أحدهما ) البخاري
في الأدب المفرد رقم 401 وأحمد في المسند 2/68 وهو في السلسلة الصحيحة 637 .
فهذا
دليل على شؤم المعصية قد يطال الروابط الأخوية ويفصمها ،
فهذه
الوحشة التي يجدها الإنسان بينه وبين إخوانه أحياناً هي نتيجة لتدني الإيمان بسبب
ارتكاب المعاصي لأن الله يسقط العاصي من قلوب عباده ، فيعيش بينهم أسوأ عيش ساقط
القدر زري الحال لا حرمة له ، وكذلك يفوته رفقة المؤمنين ودفاع الله عنهم فإن الله
يدافع عن الذين آمنوا .
17- عدم استشعار
المسئولية في العمل لهذا لدين ، فلا يسعى لنشره ولا يسعى لخدمته :
على
النقيض من أصحاب النبي e
الذين لما دخلوا في الدين شعروا بالمسئولية على الفور ،
وهذا الطفيل بن عمرو t كم كان بين إسلامه وذهابه
لدعوة قومه إلى الله عز وجل ؟!
لقد نفر على الفور
لدعوة قومه ، وبمجرد دخوله في الدين أحس أن عليه أن يرجع إلى قومه فرجع داعية إلى
الله سبحانه وتعالى .
والكثيرون
اليوم يمكثون فترات طويلة ما بين التزامهم بالدين حتى وصولهم إلى مرحلة الدعوة إلى
الله عز وجل .
كان
أصحاب محمد e يقومون بما يترتب على الدخول في الدين من معاداة
الكفار والبراءة منهم ومفاصلتهم ،
فهذا ثمامة بن أثال t - رئيس أهل اليمامة - لما
أسر وجيء به فربط إلى المسجد وعرض عليه رسول الله e الإسلام ثم قذف الله
النور في قلبه فأسلم وذهب إلى العمرة فلما وصل مكة قال لكفار قريش :
" لا يصلكم حبة حنطة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله e " رواه
البخاري فتح 8/87 .
فمفاصلته
للكفار ومحاصرته لهم اقتصادياً وتقديم كافة الإمكانات المتاحة لخدمة الدعوة حصلت
على الفور ، لأن إيمانه الجازم استوجب منه هذا العمل .
18- الفزع والخوف عند
نزول المصيبة أو حدوث مشكلة :
فتراه
مرتعد الفرائص ، مختل التوازن ، شارد الذهن ، شاخص البصر ، يحار في أمره عندما
يصاب بملمة أو بلية فتنغلق في عينيه المخارج وتركبه الهموم فلا يستطيع مواجهة
الواقع بجنان ثابت ، وقلب قوي وهذا كله بسبب ضعف إيمانه ، ولو كان إيمانه قوياً
لكان ثابتاً ، ولواجه أعظم الملمات وأقسى البليات بقوة وثبات .
19- كثرة الجدال
والمراء المقسّي للقلب :
قال
النبي e في الحديث الصحيح :
( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أتوا الجدل ) رواه
أحمد في المسند 5/252 وهو في صحيح الجامع 5633 .
فالجدل
بغير دليل ولا قصد صحيح يؤدي إلى الابتعاد عن الصراط المستقيم ، وما أكثر جدال
الناس اليوم بالباطل يتجادلون بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، ويكفي دافعاً لترك
الخصلة الذميمة قوله e:
( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً ) رواه
أبو داود 5/150 وهو في صحيح الجامع 1464 .
20- التعلق بالدنيا ،
والشغف بها ، والاسترواح إليها :
فيتعلق
القلب بالدنيا إلى درجة يحس صاحبه بالألم إذا فاته شيء من حظوظها كالمال والجاه
والمنصب والمسكن ، ويعتبر نفسه مغبوناً سيء الحظ لأنه لم ينل ما ناله غيره ، ويحس
بألم وانقباض أعظم إذا رأى أخاه المسلم قد نال بعض ما فاته هو من حظوظ الدنيا ،
وقد يحسده ، ويتمنى زوال النعمة عنه ، وهذا ينافي الإيمان كما قال النبي e :
( لا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد ) رواه
أبو داود 5/150 وهو في صحيح الجامع 1464 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق