صفحات الموقع

الوقت هو كلُّ الحياة

عندما يمضي يوم من حياتك فقد نقص عمرك يوماً
لا فائدة من الاحتفال بعيد الميلاد .. لأنك تحتفل بقربك من النهاية
إنك تحتفل بقصر عمرك

فلماذا اقسم الله تعالى بالوقت والزمن ؟؟


ليلفت ربنا عز وجل أنظارنا إلى قدر الوقت وقيمة الوقت أقسم بالوقت في آيات كثيرة في قرآنه .
أقسم بالزمن فقال: ( والعصر, إن الإنسان لفي خسر, إلا الذين آمنوا وعلموا  الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
وأقسم بأول النهار وبآخر النهار فقال : (والضحى, والليل إذا سجى)
وأقسم باليل والنهار فقال: ( والليل إذا يغشى, والنهار إذا تجلى)

أقسم بالفجر فقال: ( والفجر, وليال عشر)
لماذا يقسم الله تعالى بكل ذلك ؟
حتى نعلم قيمتها وحتى نصونها ونحفظها ولا نعمل فيها إلا خيرًا, إن الله عز وجل سائلنا عن هذا العمر
فقد أَقْسمَ بمطلق الزمن (العصر ) فقال: ( والعصر ) الواو للقسم .
فالإنسانِ في حقيقته زمنٌ ، فهو بِضْعَةُ أيام ، كلما انقضى يومٌ انقضى بِضْعٌ منه لقول نبينا صلى الله عليه وسلم :
( وما مِن يوم ينشقُّ فجرُه إلا وينادي : يا ابن آدم ، أنا خلقٌ جديدٌ ، وعلى عملِك شهيدٌ ، فتزوَّدْ منِّي ، فإني لا أعود إلى يوم القيامة)
فالإنسان في خسر , إلا من توفرت فيهم صفات معينة ذكرها الله تعالى وهي :
( والعصر, إن الإنسان لفي خسر, إلا الذين آمنوا وعلموا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)

أولاً : الإيمان  (إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا)

ثانياً : ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )
الإنسانَ إذا رُزِقَ التوفيقَ في إنفاقِ وقتهِ يستطيعُ أنْ يُطيلَ عمرَه إلى ما شاء الله بعد موته ، فيحيا وهو ميت ، ويؤدّي رسالتَه وهو تحت التراب ، ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) مسلم

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : 
( إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِابن ماجه

ثالثاً : (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ)  
يأتي " التواصي بالحق " ، ليكونَ مذكِّراً ، ومشجِّعاً ، ومحصِّناً للمؤمنِ الذي يجدُ أخاه معه يوصيه ، ويشجِّعه ، ويقف معه ، ويحرصُ على سلامته ، وسعادته ، ولا يخذُله ، ولا يسلبُه .
فالمرءُ بالإيمانِ والعملِ الصالحِ يكمِّل نفسَه ، وبالتواصي بالحقِّ يكمِّل غيرَه

رابعاً : (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
لا بد مِنَ التواصي بالصبر على مغالبةِ الهوى ، وعنادِ الباطل ، وتحّملِ الأذى ، وتكبّدِ المشقةِ .
وها هو نبينا صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن الإنسان سيسأل عن ساعات عمره و أيام عمره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال : عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به ) رواه البزار والطبراني والترمذي وقال : حسن صحيح

كان صلى الله عليه وسلم  مِن أَشَدِّ الناسِ حِرْصاً على وقته ، وكان لا يَمضي له وقتٌ مِن غير عَمَلٍ لله تعالى ، أو فيما لا بدّ له لصلاحِ نفسه ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
( إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ) أحمد

قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( بادروا بالأعمال الصالحة فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا هل تنتظرون إلا غنى مطغياً، أو فقراً  منسياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً) الترمذي.
بادروا : تسابقوا ، تنافسوا ، انطلقوا .
غنى مطغياً : مال وفير وعلم هزيل ، هذا المال الوفير ، مع العلم الهزيل يحمل صاحبه على الطغيان ، على المعصية والعدوان ، يحمله على أكل أموال الناس بالباطل ، على الكبر ، على البعد عن الله عز وجل ، يحمله على أن يستغني عن الله عز وجل .
فقراً  منسياً : فقر مدقع ينسيك كل شيء ، حاجة ماسة إلى درهم ، لا تجد في جيبك قوت يومك، ما ذا يخبئ الوقت لمن ترك الدين ، لمن ترك الإيمان بالله ، لمن ترك الآخرة ، لمن ترك منهج ربه ، ماذا يخبئ له الوقت .
مرضاً مفسداً :مرض عضال ، يصيب أجهزة في الإنسان حساسة ، تصبح الحياة جحيماً ، ماذا يخبئ الوقت للمعرضين ؟.
هرماً مفنداً : شيخوخة سماها القرآن الكريم أرذل العمر ، تضعف ذاكرته   ويثقل ظله ، ويعيد الحديث آلالف  المرات ، ويصبح حشرياً ، يحشر أنفه في كل شيء ، يتمنى الناس موته.
موتاً مجهزاً : يأتي الموت بغتة ، وهو بين أهله وأولاده ، وهو في قمة نشوته  وهو في قمة سعادته المزعومة ، يأتيه الموت ليأخذ منه كل شيء ، وليأخذه إلى لا شيء ،
ماذا ينتظر أحدنا من الدنيا ، إن لم يستقم على أمر الله ، إن لم يعمل الصالحات ، إن لم يقم أمر الله في بيته ، إن لم يؤدِ زكاة ماله  عن لم يغض بصره عن محارم الله ، إن لم يحرر دخله ، عن لم يربِ أولاده ، إن لم يحجب زوجته .

سيعلم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم وضيعوا أوقاتهم وأعمارهم غداً
بين يدي الملك الجليل كأنهم ما لبثوا في هذه الدنيا إلا ساعة :
( قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ % أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) المؤمنون 118:113

العبرةُ ليست في إنفاقِ الوقتِ ، بل في استثماره وإدارته
فالوقتُ إذا أنفقناهُ ضاعَ ، أما إذا استثمرناهُ فسينمو ، ويُؤتِي ثمارَه في مستقبلِ حياتنا ، وللأجيال القادمة .
إدارةُ الوقتِ هِي فعلُ ما ينبغي ، على الوجهِ الذي ينبغي ، في الوقتِ الذي ينبغي ، الوقتُ مِن ذَهَبٍ ، بل أغلى من الذهب ، بل هو لا يُقدَّر بثمن ، إنه أنت .
إدارةُ الوقت أي تنظيمه ، فيقدَّم من الأعمال والأقوال الأهمُ فالمهم، بحيث لا يطغى بعضها على بعض، خاصة إذا تعددت مسؤولياته بين حق الله وحق الوالدين وحق الزوجة والأولاد وحق عامة الناس، وفي الحديث:
( إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، فآت كل ذي حق حقه )

إدارة الوقت هذا العلم أصبح العلم الأول الآن

أما وقت ضائع من دون تخطيط ، قاعدون ، في بعض الأماكن يجلس أمام بيته ، يمر شاب ينظر إليه ، لا يقدم شيئًا ، أمة كسولة ، أمة لا تعمل ،
خطط لوقتك ، اجلس مع أهلك ، وجه أولادك ، اطلب العلم ، افهم كتاب الله وسنة رسوله ، وسيرة رسول الله ، حاول أن تقوم بعمل ، عندك بنود العمل الصالح ، صلة الأرحام أدخلها ببرنامجك ، لك أخت من سنتين لم تزرها ، تعتب عليك ، قم بزيارتها ، تفقد أحوالها ، أنا لا أقدم لكم برنامجًا تفصيليًا الآن ، لكن أتمنى أن تفكر أن تدير وقتك ، وتضع برنامجًا لك دقيقًا يجمع بين الصلوات والتلاوة والذكر ، وبين طلب العلم والعمل الصالح والعمل المِهني ، يوجد أشياء يمكن أن تصحح ، ولا نصححها ، نعيش أزمات وأزمات ، بيوت المسلمين ليست كما ينبغي ، لا يوجد ود ، ولا محبة ، ولا تناسق بين أفراد الأسرة .

لا يوجد سورة تشير إلى إدارة الوقت كهذه السورة:
( ألهاكم التكاثر , حتى زرتم المقابر , كلا سوف تعلمون , ثم كلا سوف تعلمون ) 

حين تعلم لاحقاً تندم ، أنت إذاً لم تكن مديراً للوقت

إنسان ينغمس بعمله ، وينسى كل شيء ، هذا ليس عنده إدارة وقت ،
إنسان حقق نجاحًا كبيرًا بعمله ، لكن عنده في البيت مشكلة كبيرة جداً طاحنة ، انشغاله الشديد ، وبعده عن المنزل الطويل سبب مشكلة في بيته ، لو علمها لانتحر ! هذا لم ينجح ، ما دام نجح بمكان ، وأخفق بنجاح ، هذا لم ينجح ،
يجب أن يكون هناك توازن ، الزوجة لها نصيب ، والأولاد لهم نصيب ، وجسمك له نصيب ،
المسلمين كلهم في حركة عشوائية ، لماذا أنتم قاعدون ؟ يجيبك نمضي الوقت ، ليس له هدف أبداً ، هذا حال المسلمين .
الشيء المؤلم الذي يعصر القلب أن تذهب إلى بلاد الكفار ، الوقت ثمين جداً عندهم ، ويخططون ، ما بلغوا قوتهم بلا تخطيط ، ما سيطروا على العالم كله بلا تخطيط ، ما فرضوا إرادتهم على كل الشعوب بلا تخطيط ، نحن بشر مثلهم ، الوقت الذي يملكونه تملكه أنت ، الوقت لا يتغير أبداً ، أكبر عالم في الأرض يملك أربعًا وعشرين ساعة ، وسبعة أيام في الأسبوع ، وثلاثين يوماً في الشهر ،لا يوجد غيرهم ، هم تفوقوا ، وتخلفنا .

زكّي على وقتك :
كيف أنك تزكي مالك فتنفق بعضاً منه ، أنت إذاً أنفقت بعض وقتك فيما أُمرك الله ، فيحفظ الله لك بقية وقتك ،
إذا أدَّيت الصلوات فأنت تزكي وقتك ، إن أديت العبادات فأنت تزكي وقتك ، إن عملت عملاً صالحاً في وقت يبارك الله لك في بقية وقتك ، يحفظ الله لك بقية وقتك .
هذا الذي ينفق وقته في طلب العلم ، و في حضور مجالس العلم ، و في عمل الصالحات ، و في قراءة القرآن ، الله جل جلاله يتولى صون وقته ، يتولى حفظه ، يتولى تيسير أموره ، يتولى نصره ، يتولى توفيقه .

فرق دقيق بين الوقت والمال :
المال إذا ضاع يعوض ، ولكن الوقت إذا ضاع لا يعوض ، عقارب الزمن لا ترجع إلى الوراء .
الذي يجلس على مائدة النرد يقتل وقته ،
الذي يلعب الورق يقتل وقته ،
الذي يجلس وراء الملهيات ليتابع المسلسلات يقتل وقته ،
هذا الذي يقتل وقته ينتحر انتحاراً بطيئاً وهو لا يدري ، لأنك وقت ، لأنك بضعة أيام ، ولك مهمة خطيرة ، إن هذه المهمة يبنى عليها سعادة الآخرة
مثلاً : طالب يجلس على طاولة الامتحان ، وهناك وقت محدود ، فإذا أمضى هذا الوقت في ألعاب ، أو في حركات ، أو في كتابات لا طائل منها ، ونسي أن يكتب الإجابات ، هذه الساعات الثلاث ، خطيرة جداً ، يبنى عليها النجاح أو الرسوب ،

أسباب ضياع الوقت
أكبر سبب في ضياع الوقت عدم وجود هدف لك في الحياة ،
ليس له هدف ، هدفه أن يعيش ، وأن يأكل ، وأن ينام ، أن يجلس مع زوجته ، أن يجلس مع أولاده ، لا يوجد هدف ، لا يعلم لماذا هو في الدنيا ؟ يقول لك هذا قدرنا .
هذا إنسان سخيف يعيش على هامش الحياة ، إنسان لا يستطيع أن يفعل شيئاً .

قام أستاذ جامعي في قسم إدارة الأعمال بإلقاء محاضرة عن أهمية تنظيم وإدارة الوقت حيث عرض مثالا حيا أمام الطلبة لتصل الفكرة لهم  وضع الأستاذ دلوا على طاولة ثم أحضر عدداً من الصخور الكبيرة وقام بوضعها في الدلو وعندما امتلأ الدلو سأل الطلاب : هل هذا الدلو ممتلئ ؟ قالوا نعم ثم سحب كيسا مليئا بالحصيات الصغيرة وقام بوضع هذه الحصيات في الدلو حتى امتلأت الفراغات الموجودة بين الصخور الكبيرة ثم سأل مرة أخرى : هل هذا الدلو ممتلئ ؟ قالوا نعم فأخرج كيساً من الرمل ثم سكبه في الدلو حتى امتلأت جميع الفراغات الموجودة بين الصخور والحصى وسأل مرة أخرى : هل امتلأ الدلو الآن ؟
قالوا نعم فأحضر الأستاذ إناءً مليئاً بالماء وسكبه في الدلو حتى امتلأ وقال لهم الآن امتلأ الدلو: ما هي الفكرة من هذه التجربة في اعتقادكم ؟ هذا المثال يعلمنا أن الوقت مهما امتلأ يمكن أن يمتلأ أكثر ويمكن أن يمتد أكثر ويعلمنا أيضاً أنه لو لم نضع الصخور الكبيرة أولاً، ما كان بإمكاننا وضعها أبداً و قد يتساءل البعض وما هي الصخور الكبيرة ؟ إنها هدفك في هذه الحياة . تذكروا دائما أن تضعوا الصخور الكبيرة أولاً .. وإلا فلن يمكنكم وضعها أبداً فاسأل أخي الحبيب نفسك ما هي الصخور الكبيرة في حياتك ؟ وقم بوضعها من الآن .

هناك نعمة لا يعرفها معظم الناس نعمة الفراغ
قال صلى الله عليه وسلم :
 (نِعمَتَانِ مَغبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ) البخاري 
أي نعمتان يخسرهما كثير من الناس ...
كأن النبي عليه الصلاة والسلام شبه هذا الإنسان الذي جاء إلى الدنيا بتاجر ، و رأس ماله الوقت ، فمن أطاع الله عز وجل ربحت تجارته ، ومن أطاع الشيطان خسر تجارته فصار مغبوناً ،
ومعنى قوله تعالى: (كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ) ، أيْ الذي يُوَفَّقُ لذلك قليلٌ ...
فقد يكون الإنسانُ صحيحاً ، ولا يكون متفرِّغاً لشغله بالمعاش ، وقد يكون مستغنيًا ، ولا يكون صحيحاً ، فإذا اجتمعا - الصحةُ والفراغُ - فغَلَبَ على الإنسان الكسلُ عن الطاعة فهو المغبونُ ، والغبنُ أنْ تشتريَ بأضعافِ الثمنِ ، وأنْ تبيعَ بأقَلّ مِن ثمنِ المِثْلِ .

وفي تفسير سورة التكاثر ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) التكاثر/ 8
النعيم هو الصحة والفراغ
الفراغ لابد من أن يملئ :
                        إما أن يملأ بخير ، وإما أن يملأ بشر 
                     نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر أبداً 
                        ابنك إن لم تشغله بالخير شغلك بالشر 
                      زوجتك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر 
نعمة الفراغ إما أن تستغلها في معرفة الله ، وإما أن تستغلها في طاعة الله ، وإما أن تستغلها في العمل الصالح  وإما أن تستغلها في طلب العلم، وإما أن تستغلها في فعل الخيرات ،وإما أن تملأها بالمشاغل ،والمتاعب ، والمشكلات ، والخصومات والدعاوى .

أسباب الفوضى في حياتنا :
1ـ التهاون في استغلال الوقت:
وذلك بتضييعه في توافه الأمور، في لهو ولعب، ولا يفكرون أبدًا في استغلالها،
2ـ عدم ترتيب الأولويات:
فيشغل نفسه بالكماليات والثانويات أو المندوبات والمباحات، ويفرط في الضروريات والكليات والفرائض والواجبات،

آفةٌ تصيبُ الناسَ ، إنها التسويفُ :
غدًا ، وبَعْدَ غدٍ ، و...... سوف أتوبُ ، وبعْد انتهاء العام الدراسي ، وبعد تأسيسِ المحلِّ ، وبعْد الزواجِ ،

كيف يطول عمرك ؟!
الإنسان مفطور على حب الحياة ويرجوا أن لو طال عمره ، بل ويتمنى الخلود إن استطاع .
قال تعالى : ( يود أحدهم لو يعمر ألف سنةٍ ) البقرة
الدين نفسه يعدّ طول العمر نعمةً إذا استُخدم في نصرة الحق و عمل الخير ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ :
( يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ قَالَ : خَيرُ النَّاسِ مَن طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَشَرُّ النَّاسِ مَن طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ) الترمذي.

أطل عمرك بعمل الخيرات وعمل الطاعات ، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم :
( اِغتَنِمْ خمسًا قَبلَ خمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ ) أحمد والبيهقي وصحَّحه الحاكم ووافقَه الذهبيّ,

المسلم الفطن يسعى لاستغلال كل لحظة من لحظات حياته دون ضياع او تفويت ؛ لأنها محسوبة عليه في سجل الآخرة ... بل إنه يعمل في أيام دهره حتى لا تعمل هي فيه ، يقول صلى الله عليه وسلم :
 ( أعذر الله عز وجل إلى امريء أخّر عمره حتى بلّغه ستين سنة ) البخاري
أي : أزال عذره ولم يبق له موضعا للاعتذار ، إذ أمهله مدة مديدة من العمر

والزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
( من قال سبحان الله العظيم وبحمد غُرست له بها نخله في الجنة )

من جَهِل قيمةَ الوقتِ فسيأتي عليه موقفان خطيران ، يتذكّر فيهما قيمةَ الوقت :
الموقف الأول : ساعةُ الاحتضارِ : 
إذا نمت على فراش الموت حينَ يودِّع الدنيا ، ويستقبلُ الآخرة ،ستتمنى من الله أن تعود إلى الدنيا ساعة واحدة لتعمل فيها صالحاً لله جل وعلا ,لو مُنِحَ مهلةً من الزمن ، وأُخِّر إلى أجلٍ قريبٍ ، ليُصلِحَ ما أفسدَ.
قال تعالى : 
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ*وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) سورة المنافقون : الآية 9-10
ويأتي الرد الإلهيّ:
( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)المنافقون/11

الموقف الثاني : في الآخرة : 
حيث تُوفَّى كلُّ نفسٍ ما عملتْ ، وتُجزَى بما كسبت ، ويدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ ، وأهلُ النارِ النارَ ، هناك يتمنّى أهلُ النارِ لو يعودون إلى دارِ التكليفِ ، ليعملوا عملاً صالحاً ، ولكنْ هيهاتَ هيهاتَ ، فقد انتهى زمنُ العمل ، وجاء زمنُ الجزاءِ ، قال تعالى:
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ*وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ) سورة فاطر : الآية 36-37
ويأتي الرد الإلهيّ : 
( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)

احذروا السهر

زمن الصيف يشاهد فيه الكثير من الشباب وغيرهم،
ينتشرون في الشوارع والطرقات في ساعات الليل كُلِّهَا،
ويَتَحَلّقُونَ على الأرصفة،
ويرتادون المقاهي والمنتزهات،
يسهرون الليل كلَّه ويعودون أنفسهم على ذلك،
يقضون الأوقات على شرب الدُخَانِ والشِّيشةِ ونحوها،
ويخوضون في أودية الكلام الذي يضر ولا ينفع،
ويجرهم ذلك إلى مخاطر تضرهم في دينهم ودنياهم وصِحَتِهمِ،
ويجعلون نومهم في النهار فيفوتون على أنفسهم مصالح كثيرة،
ويخسرون صلاة الفجر وغيرها، ويَعْكِسون سنن الله؛ فقد جعل الله الليل راحة وسَكَنًا، والنهار معاشًا وعملاً.
على الشباب أن يدركوا ما ينفعهم فيجتهدوا في تحصيله مستعينين بالله تعالى، وأن يدركوا ما يضرهم فيبتعدوا عنه، كما قال صلى الله عليه وسلم : 
( احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزنّ ) مسلم

كيف إذاً أستثمر وقتي ؟؟

أولاً: حفظ كتاب الله تعالى وتعلُّمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
             ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري.

ثانيًا: طلب العلم الشرعي

ثالثًا: ذكر الله تعالى

رابعًا: الإكثار من النوافل، هو سبب لحصول محبة الله للعبد،
يقول الله تعالى في الحديث القدسي: 
( ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه) رواه البخاري.

خامسًا: الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للمسلمين.

سادسًا: زيارة الأقارب وصلة الأرحام، فهي سبب لدخول الجنة وحصول الرحمة وزيادة العمر وبسط الرزق،
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
 ( من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه) رواه البخاري

سابعًا: اغتنام الأوقات اليومية الفاضلة،
مثل بعد الصلوات، وبين الأذان والإقامة، وثلث الليل الأخير، وعند سماع النداء للصلاة، وبعد صلاة الفجر حتى تشرق الشمس. وكل هذه الأوقات مقرونة بعبادات فاضلة ندب الشرع إلى إيقاعها فيها، فيحصل المسلم بها على الأجر الكبير والثواب العظيم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق